الأســـتـاذ محمد عـلــي لـقـمـان الـمـحــامـــي
يـــــزور الــســـلـطـــنـــــــة الـعــوذلـــيــــــة
منشوري هذا عبارة عن جزء اخترته من كتاب رجال وشؤون وذكريات
وهذا الكتاب عبارة عن مذكرات وذكريات ، محمد علي لقمان المحامي .
كتبها باللغة الانجليزية ، ونشرها في صحيفته الناطقة باللغة الانجليزية
( Aden Chronicle )
وقد بدأ محمد علي لقمان المحامي بكتابة ونشر هذه الذكريات في العاشر من نوفمبر 1962م ، وانتهى منها في 27 ديسمبر 1962م .
وقد قام الاستاذ الدكتور احمد علي الهمداني بالأشراف وتحرير وجمع وتقديم هذه الذكريات واخرجها في مجلد مكتوبة باللغة العربية والانجليزية .
لـقـمـــان فــي ضــيـافــة آل غـــرامــــــــة
......................................................في سبتمبر 1945م فكرت في إجازة في محميـّات عدن الغربية ، وكان المكان الأكثر أمناً عندئذ هي مكيراس في سلطنة العوذلي .
رافقت الأستاذ / أحمد محمد نور _ وهو سوداني _ إلى لودر على شاحنة عسكرية قد أعدّها .
وصلنا إلى لودر قبل الظهر تقريباً حيث أستقبلنا ابن السيد غرامة * ، الذي اغتيل والده قبل أيام قليلة في عدن .
كان جواداً كريماً ، فقضينا يوماً سعيداً في ضيافته . وقد زاورني أحد العواذل المهذبين وأخبرني بأنه جاء من مسافة عشرة أميال عبر طريق وعر ومسالك صعبة .
فكنت ممتناً له وسألته عن سبب تحمله كل تلك المتاعب . ففسر لي واخبرني بأنه كان صديقاً للمقدّم هيكينبوثم ، الذي اخبره ان حكومة عدن تراقب كل تحركات لقمان في عدن لأنه الشخص الوحيد الذي يعرف أسرار سياسة الحكومة في عدن ومحمياتها .
وكان ذلك الشخص هو الحماطي الذي قال عندئذ " أردت أن أراك لهذه الأسباب "
وتساءل إن كنت أوافق أن أكون ضيفه . شكرته وأخبرته بأنني في طريقي لزيارة مكيراس قريباً .
وفي العصر استأجرت حمارين وجملاً . فكان الجمل لحمل الحقائب والفرش بينما ركبنا أنا والأستاذ نور الحمارين بعد وجبة إفطار مكونة من خبز ( شباتي ) بالسمن والبيض ( أومليت ) والعسل . كانت القهوة ممزوجة بالزنجبيل الأبيض والشاي باللبن .
ثم غادرنا منزل مضيفنا لنجد السيد دافي ، الضابط السياسي في انتظارنا ، فأخبرته بأننا لاننوي التأخر في لودر طويلاً وأننا ستذهب إلى زارة لرؤية السلطان صالح بن حسين العوذلي .
أعارني السيد دافي معطفه المصنوع من جلد النمر كي أحمله معي اتقاءَ للبرد على ارتفاع سبعة آلآف قدم .
عرفت السيد دافي منذا أن كان مساعداً لمدير الشركة العربية التجارية المحدودة في عدن . قبلت المعطف على وعد بإعادته عند عودتي ، وفعلت .
............................................................
* ابن السيد غرامة : يقصد أحد أبناء صالح محمد يحيى غرامة .
( لعله يكون عبدالله صالح ، غفر الله له ولوالديه ) .
الصورة المرفقة بالمنشور هي صورة لبيوت آل محمد يحيى غرامة ، ويضهر فيها واضحاً حصن صالح محمد غرامة ، المسمى يعقوب .
............................................................................
أخذ الجمل الذي يحمل امتعتنا يمشي الهوينا في اتجاه طريق السبعة آلآف قدم . تركنا أحد الحمارين في الوادي الملتف يأكل من الأعشاب الجافة بينما تسلقنا طريقاً شاهقة بمنحدرات كي نصل إلى ذلك القصر ذي الأبراج العالية الذي يملكه السلطان صالح على القمة الغربية من زارة ، القرية الجبلية .
فقد أستقبلنا بعطف وقدم لنا الفاكهة والقهوة . وصـرّح بأن حكومته كلــّفت القاضي عمر محمد باهرمز لإدارة القانون والنظام في السلطنة بدلاً من تطبيق القانون القبلي المعتاد .
وأعطى السلطان آوامر برفع مستوى التعليم ، وبدأ بالفعل بعدد من المدارس الابتدائية لمحو الأمية . كما ان المدرسين المتدينين نشروا قواعد الحياة من خلال المواعظ والخطب وذكر منهم السيد العوامي واحمد المسيبلي والسيد حسن ومحمد عمر الجفري .
حـــــــول الإصــــلاحـــــات :
......................................
كما أخبرني بأنه رغب في استزراع الفاكهة في سلطنته ، وان حديقة أقيمت لاإجراء التجارب نجحت في أرض الظاهر ( مـكـيــراس ) في إنتاج العنب والمشمش والجوافة والرمان والكرز والكمثرى والبرقوق وإلــــخ ...
كما أضاف أنه في حالة انتهاء الحرب فإنه سيقوم بإجراء قدر كبير من الإصلاحات .
نــحــــــو مــكـــيـــــــراس
..................................في العاشرة صباحاً وصلنا سفح التلال على ظهر الحمير . فقد تأخر الجمل ، حيث إن مالكه توقف لزيارة بعض أقاربه ، نزلت عن ظهر حماري وبدأت التسلق حتى وصلت إلى خمسة آلآف قدم فوق سطح البحر .
ثم استمررنا بالتسلق إلى الأعلى ففالأعلى . وكان الطقس مدهشاً ، معتدلاً ولطيفاً . وعلى ارتفاع 6,400 قدم بدأت السماء تسقط مطراً لتملأ التجويفات . شربنا كما شرب العشرات من المسافرين ، واصبح المنحدر أكثر انحداراً .
وكنت أتوقف كل خمس عشرة دقيقة للتنفس . وقطعنا المسافة كلها في ثلاث ساعات ووصلنا القمــّة في الواحدة ظهراً .
أمتطيت الحمار وكنت أرتدي السروال القصير فلم أدرك السمرة الداكنة التي طالت ركبتي وفخذي نتيجة الهواء النقي حتى وقت متأخر . وقد لازمتني السمرة لوقت طويل .
عسكرنا بعد ساعتين في قرية تسمى " بالاس " . وهنا حــُـذّرت بعدم الذهاب إلى البئر القريبة لان النسور نقرت أعين الكثير من المسافرين الغافلين .
................................................................
الصورتين المرفقة بالمنشور الأولى للشيخ عمر بن محمد باهرمز ، والأخرى للسلطان صالح بن حسين جعبل العوذلي .
رحمة الله عليهم ومغفرته .
المصدر : صفحة الموروث الشعبي العوذلي - حررها صلاح الدوح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق